تحول في الفكر العربي- من البندقية إلى التنمية والسلام
المؤلف: محمد الساعد10.05.2025

في غضون الشهرين الفائتين، تجلت بوضوح إرهاصات تحول جوهري في صميم الفكر العربي، وهي تتشكل في أرجاء منطقة الشرق الأوسط، بل إن المزاج العام بات أكثر استيعاباً لعملية تغيير يتم تداولها على نطاق واسع سعياً وراء حلول اقتصادية للتداعيات التي أعقبت أحداث 7 أكتوبر.
فقد باتت صور الشواطئ والمنتجعات الخلابة تحل محل مشاهد الخراب والدمار، والأسواق النابضة بالحياة ومعامل التقنيات المتطورة تزيح تدريجياً ورشات تصنيع صواريخ بدائية وقنابل تقليدية. الآن، يدرك الجميع تقريباً أن مشاريع التنمية والتعمير المستدامة تفوق أهمية الشعارات الديماغوجية التي طالما استهوت مشاعر الجماهير دون أن تقدم حلولاً ملموسة، بل على النقيض من ذلك، كانت هذه الشعارات تعد الجماهير بانتصارات وهمية مؤجلة عوضاً عن معالجة الخسائر الفادحة المتراكمة. وفي كل مرة، كانت الأرواح البريئة والمدن الزاهرة والمنازل الآمنة تذهب ضحية هذا الوهم، على أمل التغني بتدمير آلية عسكرية هنا، أو قتل جندي هناك، أو خطف رهينة أخرى، ولكنها في نهاية المطاف لا تحدث فرقاً جوهرياً في المآل الكلي للمعركة، تلك المعركة التي يدفع المدنيون الأبرياء ثمنها غالياً، وتنتهي بهزيمة منكرة يتجاهلها أصحابها ويتكتم عليها المتضررون خشية شماتة الأعداء.
إن التأكيد القاطع على نجاح المبادرات المطروحة لا يزال أمراً سابقاً لأوانه، ولكن من الضروري تشجيع هذا التوجه نحو التنمية والبراغماتية الاقتصادية بدلاً من الاحتماء بالوكالة المسلحة وتعريض مئات الآلاف من المدنيين للموت والتهجير والدمار الشامل دون رؤية واضحة أو هدف محدد سوى تعطيل مسارات التسوية السياسية أو المشاريع الاقتصادية الحيوية العابرة للحدود.
إن فكرة تحويل المنطقة بأكملها إلى نموذج أوروبي مزدهر هي رؤية طموحة طرحها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ سنوات، بل وقدم أمثلة حية لاقتصادات حققت نجاحات باهرة أو هي في طريقها إلى تحقيق أهدافها التنموية المستدامة. وما يتم طرحه اليوم هو تعزيز لتلك الرؤية الثاقبة التي ستساهم -إذا ما تحققت- في تقديم الحياة الكريمة والازدهار لسكان هذه المنطقة من العالم، التي عانت الكثير من الويلات والآلام على مدار المئة عام الماضية، وليس من المنطقي أن تستمر في المعاناة لقرن آخر بنفس الأدوات البالية والنتائج الكارثية.
إن المشاريع المطروحة اليوم تشبه إلى حد كبير خطط إنقاذ اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية المدمرة، فكلا البلدين خاضا حرباً طاحنة نتيجة لعدم تقدير قوة الخصوم، وتضخيم الدعايات والشعارات الجوفاء على حساب الإمكانات الحقيقية.
لقد تلقت ألمانيا واليابان هزيمة قاسية، فقد عاقبت الولايات المتحدة اليابان بقنبلتين نوويتين، وكان ينتظرها المزيد لولا المسارعة إلى التسليم بالواقع المرير ونتائج المعركة، واحتلت ألمانيا بالكامل وقسمت إلى أجزاء، إلا أن بداية التحرر من تبعات الهزيمة كانت الاعتراف الصريح بها وعدم اختلاق انتصارات وهمية.
لقد قاومت ألمانيا واليابان خصومهما بالاقتصاد القوي وعوضتا الهزيمة بالتنمية الشاملة والانخراط الفعال في معركة الصناعة العالمية، وهو ما حقق لهما انتصاراً ساحقاً لم يكن ليتحقق لو استمرتا في الحروب غير المتكافئة التي استنزفت مقدرات الأمتين. وها هما الآن جزء لا يتجزأ من قادة الاقتصاد العالمي، ودولتان لهما تأثير بالغ في السياسة الدولية.
إذن، نحن على أعتاب تحول جذري في منطقة الشرق الأوسط، انقلاب على جميع الشعارات والأفكار التي سادت بعد حرب 48، والتي أعلنت زوراً وبهتاناً أن لا صوت يعلو فوق صوت البندقية، مع أن البندقية التي رفعت لم تجلب سوى الهزائم المتتالية والخسائر الفادحة للأراضي.
إننا بالفعل نشهد تغيراً تاريخياً في التفكير العربي سيؤثر بلا ريب على حياة شعوب المنطقة العربية ومستقبلهم، وذلك في ظل تحولات وتغيرات جذرية في موازين وخرائط النفوذ الدولية.
إذن، من الأهمية بمكان إنجاح مبادرات التنمية مقابل السلام، والاقتصاد المزدهر بدلاً من البندقية، والتعليم الراقي في الجامعات بدلاً من معسكرات التنظيمات المسلحة، والأرواح العامرة بالحياة بدلاً من الجثامين الهامدة، ولكن من الأهمية بمكان أيضاً أن ندرك تمام الإدراك أنه "لا تنمية تنجح وفوهة البندقية متوارية تحت عباءة عمال البناء"، وإلا فإن مصيراً أشد سوءاً مما سبق سيحيق بهذه المنطقة من العالم لعقود طويلة وربما لقرون مديدة.
فقد باتت صور الشواطئ والمنتجعات الخلابة تحل محل مشاهد الخراب والدمار، والأسواق النابضة بالحياة ومعامل التقنيات المتطورة تزيح تدريجياً ورشات تصنيع صواريخ بدائية وقنابل تقليدية. الآن، يدرك الجميع تقريباً أن مشاريع التنمية والتعمير المستدامة تفوق أهمية الشعارات الديماغوجية التي طالما استهوت مشاعر الجماهير دون أن تقدم حلولاً ملموسة، بل على النقيض من ذلك، كانت هذه الشعارات تعد الجماهير بانتصارات وهمية مؤجلة عوضاً عن معالجة الخسائر الفادحة المتراكمة. وفي كل مرة، كانت الأرواح البريئة والمدن الزاهرة والمنازل الآمنة تذهب ضحية هذا الوهم، على أمل التغني بتدمير آلية عسكرية هنا، أو قتل جندي هناك، أو خطف رهينة أخرى، ولكنها في نهاية المطاف لا تحدث فرقاً جوهرياً في المآل الكلي للمعركة، تلك المعركة التي يدفع المدنيون الأبرياء ثمنها غالياً، وتنتهي بهزيمة منكرة يتجاهلها أصحابها ويتكتم عليها المتضررون خشية شماتة الأعداء.
إن التأكيد القاطع على نجاح المبادرات المطروحة لا يزال أمراً سابقاً لأوانه، ولكن من الضروري تشجيع هذا التوجه نحو التنمية والبراغماتية الاقتصادية بدلاً من الاحتماء بالوكالة المسلحة وتعريض مئات الآلاف من المدنيين للموت والتهجير والدمار الشامل دون رؤية واضحة أو هدف محدد سوى تعطيل مسارات التسوية السياسية أو المشاريع الاقتصادية الحيوية العابرة للحدود.
إن فكرة تحويل المنطقة بأكملها إلى نموذج أوروبي مزدهر هي رؤية طموحة طرحها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ سنوات، بل وقدم أمثلة حية لاقتصادات حققت نجاحات باهرة أو هي في طريقها إلى تحقيق أهدافها التنموية المستدامة. وما يتم طرحه اليوم هو تعزيز لتلك الرؤية الثاقبة التي ستساهم -إذا ما تحققت- في تقديم الحياة الكريمة والازدهار لسكان هذه المنطقة من العالم، التي عانت الكثير من الويلات والآلام على مدار المئة عام الماضية، وليس من المنطقي أن تستمر في المعاناة لقرن آخر بنفس الأدوات البالية والنتائج الكارثية.
إن المشاريع المطروحة اليوم تشبه إلى حد كبير خطط إنقاذ اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية المدمرة، فكلا البلدين خاضا حرباً طاحنة نتيجة لعدم تقدير قوة الخصوم، وتضخيم الدعايات والشعارات الجوفاء على حساب الإمكانات الحقيقية.
لقد تلقت ألمانيا واليابان هزيمة قاسية، فقد عاقبت الولايات المتحدة اليابان بقنبلتين نوويتين، وكان ينتظرها المزيد لولا المسارعة إلى التسليم بالواقع المرير ونتائج المعركة، واحتلت ألمانيا بالكامل وقسمت إلى أجزاء، إلا أن بداية التحرر من تبعات الهزيمة كانت الاعتراف الصريح بها وعدم اختلاق انتصارات وهمية.
لقد قاومت ألمانيا واليابان خصومهما بالاقتصاد القوي وعوضتا الهزيمة بالتنمية الشاملة والانخراط الفعال في معركة الصناعة العالمية، وهو ما حقق لهما انتصاراً ساحقاً لم يكن ليتحقق لو استمرتا في الحروب غير المتكافئة التي استنزفت مقدرات الأمتين. وها هما الآن جزء لا يتجزأ من قادة الاقتصاد العالمي، ودولتان لهما تأثير بالغ في السياسة الدولية.
إذن، نحن على أعتاب تحول جذري في منطقة الشرق الأوسط، انقلاب على جميع الشعارات والأفكار التي سادت بعد حرب 48، والتي أعلنت زوراً وبهتاناً أن لا صوت يعلو فوق صوت البندقية، مع أن البندقية التي رفعت لم تجلب سوى الهزائم المتتالية والخسائر الفادحة للأراضي.
إننا بالفعل نشهد تغيراً تاريخياً في التفكير العربي سيؤثر بلا ريب على حياة شعوب المنطقة العربية ومستقبلهم، وذلك في ظل تحولات وتغيرات جذرية في موازين وخرائط النفوذ الدولية.
إذن، من الأهمية بمكان إنجاح مبادرات التنمية مقابل السلام، والاقتصاد المزدهر بدلاً من البندقية، والتعليم الراقي في الجامعات بدلاً من معسكرات التنظيمات المسلحة، والأرواح العامرة بالحياة بدلاً من الجثامين الهامدة، ولكن من الأهمية بمكان أيضاً أن ندرك تمام الإدراك أنه "لا تنمية تنجح وفوهة البندقية متوارية تحت عباءة عمال البناء"، وإلا فإن مصيراً أشد سوءاً مما سبق سيحيق بهذه المنطقة من العالم لعقود طويلة وربما لقرون مديدة.